وفقًا للرابطة الدولية للقرائية (ILR)، يُعرف علم القراءة بأنه "مجموعة من التحقيقات الموضوعية وتراكم الأدلة الموثوقة حول كيفية تعلم البشر للقراءة وكيفية تعليم القراءة". يستفيد هذا العلم من مقاربة متعددة التخصصات، مستمدًا قوته من التعاون بين مجالات مثل علم النفس، الإدراك، علم الأعصاب، التعليم، اللسانيات والدراسات الاجتماعية والثقافية.
ويستخدم علم القراءة عدسات متعددة لفهم القراءة، مما يساعد المعلمين على تجنب الأساليب غير الفعالة وتوفير الوقت والجهد.
وتُظهر التحليلات أن التركيز على تعليم القراءة يؤثر إيجابيًا على الكتابة والعكس صحيح.
وتشير الأبحاث إلى أن تدريب المعلمين يجب أن يتضمن تدخلات مصممة خصيصًا لتعليم القراءة، متوافقة مع المعرفة الحالية في هذا المجال.
ويُقترح ألّا يقتصر تطبيق علم القراءة على المعلمين فقط، بل يجب أيضًا إشراك المجتمعات وأولياء الأمور في هذه العملية.
ويشير بعض الباحثين إلى أن التركيز المفرط على علم القراءة قد يؤدي إلى تهميش تجارب المعلمين وخبراتهم، مما يستدعي حوارًا بين الباحثين والمعلمين لتحقيق توازن فعال.
تُظهر نتائج اختبار PIRLS لعام 2016 أن طلاب الصف الرابع في عدة دول عربية سجلوا نتائج أقل من المتوسط الدولي في فهم القراءة باللغة العربية. تشير هذه النتائج إلى الحاجة الملحة لتطبيق مبادئ علم القراءة في تعليم اللغة العربية لتحسين أداء الطلاب.
لا تُعد نتائج الدول العربية في الاختبارات الدولية مفاجئة، بل هي نتيجة لعقبات مزمنة وتحديات متجذرة في أنظمتها التعليمية، من أبرزها غياب برامج فعّالة وحديثة لإعداد المعلمين قبل الخدمة. كما أن إجراءات ضمان الجودة غائبة، والاختبارات الوطنية المعيارية الدورية التي توفر بيانات مفيدة لتتبع تقدم الطلاب وإنجازاتهم إما غير موجودة أو أن البيانات المستخلصة منها لا تُستخدم لتطوير خطط التدخل وتحسين القراءة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك غياب للهيئات الأكاديمية والتربوية المختصة باللغة العربية، والتي تتولى صياغة السياسات اللغوية الوطنية، واعتماد برامج إعداد معلمي اللغة العربية، وإنتاج أبحاث ذات جودة حول تعليم وتعلم اللغة العربية، وتقييم نتائج التعلم الوطنية، وصياغة السياسات بناءً على النتائج.
على الرغم من وجود العديد من الجهود لتحسين وتحديث تعليم اللغة العربية، إلا أن معظمها كانت مبادرات فردية من قبل الباحثين والنشطاء أو جهود قصيرة الأمد لا تتجاوز مرحلة الإعلان أو البيان الصحفي، خاصة تلك التي أطلقتها وزارات التعليم.
حاليًا، هناك اهتمام متجدد وجهود جادة للنظر بشكل مستدام في كيفية تحسين نتائج الطلاب في اختبارات اللغة العربية الدولية، إلى جانب وعي متزايد بأهمية إتقان اللغة الأم كمدخل لتحقيق الازدهار الاقتصادي والمهني.
يمكن أن يساعد توظيف علم القراءة والتركيز على ما ينجح فعليًا في تعليم وتعلم اللغة العربية الدول ذات الأداء المنخفض على تحسين نتائجها في الاختبارات الدولية، وتمكين الشباب من خلال نظام تعليمي عالي الجودة، والاستثمار على نحو أفضل في رأس المال البشري، وتبني ممارسات تعليمية وتعلمية جديدة قائمة على البحث والأدلة.
وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي حول تعزيز تعليم وتعلم اللغة العربية، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسجل معدل فقر تعليمي يبلغ 62%، وهو من أعلى المعدلات في العالم. ويُعرف الفقر التعليمي بأنه نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يستطيعون قراءة وفهم نص مناسب لأعمارهم.
لا يزال استخدام التصوير الدماغي في أبحاث علم القراءة للغة العربية مجالاً غير ناضج نسبياً، حيث توجد فجوات كبيرة في المعرفة الحالية مقارنة بلغات العالم الأخرى. ومع ذلك، بدأ باحثون من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في استخدام تقنيات التصوير الدماغي الحديثة (مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي FMRI وتخطيط موجات الدماغ EEG) في أبحاثهم، مما قد يلقي الضوء على تطور علم القراءة للغة العربية.
استخدمت بعض الدراسات تقنية fNIRS للتصوير الدماغي لفحص الأساس العصبي للازدواجية اللغوية لدى الناطقين بالعربية. كشفت النتائج عن:
- تفوق الكلمات عالية التردد في العربية الفصحى
- أداء أفضل للفصحى مقارنة بالكلمات منخفضة التردد في الفصحى نفسها.
- تفوق الفصحى على الكلمات عالية التردد في العربية المحكية.
وعلى الرغم من أن أبحاث تصوير الدماغ للعربية لا تزال في بداياتها، فإنها تقدم رؤى قيمة لتحسين تعليم القراءة. ويمكن للممارسات القائمة على الأدلة البحثية أن تطوّر المسارات العصبية الداعمة لطلاقة القراءة التلقائية في العربية.