بحوث زاي العلمية

العودة الى بحوث زاي العلمية
المهارات الصرفية لدى أطفال الروضة العرب من الناطقين الأصليين الذين يعانون اضطراباتٍ نمائية في اللغة
  • وصف عام للبحث
  • اختبرت هذه الدراسة المهارات الصرفية لدى أربعة عشر طفلًا من أطفال الروضة العرب الناطقين بالعربية بوصفها لغةً أمًّا ممّن يعانون اضطرابًا نمائيًّا في اللغة (DLD) (بمتوسط عمر 5.51 ± 0.95 سنة، 10 أولاد و4 بنات)، وخمسة عشر طفلًا من أطفال الروضة من ذوي النمو اللغوي النمطي (TD) (بمتوسط عمر 5.49 ± 0.37 سنة، 7 بنين و8 بنات). وقد أنجز المشاركون مهمتين صُمِّمتا لقياس مهارات التعرّف على الصيغ الصرفية التصريفية في اللغة العربية وإنتاجها.

    في مهمة التعرّف، طُلب إلى الأطفال اختيار أحد بديلين من الكلمات الزائفة، بحيث يكون البديل المختار مطابقًا للتصريف الصحيح في اللغة، وذلك استنادًا إلى التوجيهات الصوتية التي استمعوا إليها. أمّا في مهمة الإنتاج، فقد طُلب إليهم نطق الكلمات الزائفة نطقًا مناسبًا وفق التصريف المطلوب، من دون الاعتماد على بدائل جاهزة للاختيار منها. استُخدمت الكلمات الزائفة في المهمتين معًا بغرض تقييم مدى كفاءة الأطفال في تطبيق المعرفة الصرفية التصريفية.

    أظهرت النتائج أن أداء الأطفال ذوي النمو اللغوي النمطي كان أعلى بدرجة دالّة إحصائيًا من أداء الأطفال ذوي الاضطراب النمائي اللغوي في المهمّتين كليتيهما. مثلما بيّنت النتائج أن أداء الأطفال ذوي الاضطراب النمائي اللغوي كان أفضل على نحو ملحوظ في مهمة التعرّف مقارنة بمهمة الإنتاج. وتُناقش هذه النتائج في ضوء الفرضية القائلة بأن الصعوبات الصرفية لدى الأطفال العرب الناطقين بالعربية بوصفها لغةً أمًّا والمصابين باضطراب نمائي لغوي قد تعود إلى صعوبات عامة في اكتساب القواعد اللغوية النمطية.

  • الغرض من البحث
  • تقوم الفرضية الرئيسة لهذه الدراسة على أن الأطفال الذين يعانون اضطرابًا نمائيًّا في اللغة (DLD) يواجهون صعوبات في اكتساب القواعد الصرفية المنتظمة، وهو ما ينعكس في ضعف قدرتهم على تطبيق الصيغ الصرفية التصريفية الصحيحة وفق قواعد الصرف في اللغة العربية. وبناءً على ذلك، يمكن القول إن اضطرابات النمو اللغوي لدى الأطفال العرب الناطقين بالعربية قد تتجلى في شكل قصور على مستوى اكتساب القواعد التصريفية المنتظمة في النظام الصرفي للغة. وقد تؤثر هذه الصعوبات في قدرة الأطفال على تصريف الكلمات الجديدة تصريفًا دقيقًا بحسب العدد أو الجنس أو الزمن أو الضمائر.

    ومثلما هو معرفو، فإنّ اللغة العربية تتميّز ببنية صرفية معقّدة ونُظُمٍ تصريفية منتظمة، سواء في شكلها المنطوق أو المكتوب. وبما أن القدرة على اكتساب هذه النظم تُعدّ عنصرًا أساسيًّا في النمو اللغوي السويّ، فإن دراسة كيفية توظيف هذه القدرة – أي تطبيق القواعد الصرفية – لدى الأطفال العرب في مرحلة الروضة تُعدّ ذات أهمية خاصة، ولا سيّما عند المقارنة بين الأطفال ذوي النمو اللغوي النمطي (TD) ونظرائهم الذين يعانون اضطرابًا نمائيًّا لغويًّا.

    وانطلاقًا من ذلك، يتمثل الهدف الرئيس من هذه الدراسة في فحص قدرة الأطفال ذوي الاضطراب النمائي اللغوي على تطبيق القواعد الصرفية التصريفية المنتظمة، ومقارنتها بأداء أقرانهم ذوي النمو اللغوي النمطي. وقد صُمِّمت الدراسة لتقويم هذه القدرة من خلال مهمتين تقيسان مهارتي إنتاج الصيغ الصرفية التصريفية والتعرّف عليها. مثلما تسعى الدراسة إلى استقصاء ما إذا كانت هناك فروق بين أداء الأطفال في إنتاج الصيغ الصرفية والتعرّف عليها داخل المجموعتين محلّ البحث.

  • العينة: نوعها وحجمها
  • المشاركون

    شارك في هذه الدراسة أربعة عشر طفلًا من أطفال الروضة الذين يعانون اضطرابًا نمائيًّا في اللغة (DLD)، جرى اختيارهم من رياض أطفال متخصّصة تستقبل هذه الفئة، إلى جانب خمسة عشر طفلًا من ذوي النمو اللغوي النمطي (TD) كوِّنوا مجموعة ضابطة. جميع المشاركين ناطقون بالعربية بوصفها لغةً أمًّا وينحدرون من شمال إسرائيل. وقد تمّ تحويل الأطفال ذوي الاضطراب النمائي اللغوي إلى رياض الأطفال المتخصّصة بناءً على تشخيص مهني صادر عن مختصين معتمدين في مجالي التربية والصحة، تحديدًا اختصاصيي النطق واللغة والاختصاصيين النفسيين في النمو. يتلقى الأطفال في هذه المؤسسات علاجًا يهدف إلى تنمية مهاراتهم اللغوية والتواصلية.

    جُمعت البيانات خلال جائحة كوفيد-19، في الفترات التي كان فيها الوصول إلى المشاركين ممكنًا. وقد أدّت القيود الصحية وإغلاق المؤسسات التعليمية إلى عدم انتظام حضور الأطفال وتأخر عملية جمع عينة كبيرة. كان المعيار الأساسي للالتحاق بهذه المؤسسات هو حصول الطفل على تشخيص مؤكد باضطراب نمائي لغوي. ووفق التقارير المهنية الصادرة عن هذه المؤسسات، أظهر الأطفال اضطرابًا لغويًّا نمائيًّا تعبيريًّا صوتيًّا يتمثل في صعوبات في المعالجة الصوتية، إضافة إلى قصور في القدرات الدلالية والنحوية. ونظرًا إلى أنّ هؤلاء الأطفال خضعوا لتشخيص لغوي شامل مسبقًا، لم يكن من الضروري إعادة تقييم قدراتهم اللغوية لأغراض هذه الدراسة، إذ عُدّ قبولهم في رياض الأطفال المتخصّصة كافيًا لتأكيد مصداقية تصنيفهم.

    تم الحصول على موافقة أولياء الأمور قبل مشاركة الأطفال، وطُلب من الآباء استكمال استبيان حول الخلفية النمائية للطفل، تضمّن أسئلة تتعلق بأي حالات عصبية أو نمائية محتملة. كانت المشاركة طوعية بالكامل، وأتيح للوالدين خيار الانسحاب من الاستبيان أو سحب طفلهم من الدراسة في أي وقت. مثلما حُفظت أسماء المشاركين وبياناتهم بسرية تامة. واستُبعد من الدراسة الأطفال الذين أظهرت التقارير إصابتهم باضطرابات عصبية (مثل الصرع أو متلازمة توريت أو الشلل الدماغي)، أو إعاقات حسية (كالسمع أو البصر)، أو اضطرابات أخرى مشتبه بها (مثل اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه). وبذلك، لم تشمل العينة أي طفل يعاني إعاقات سمعية أو اضطرابات عصبية أو انفعالية. جميع المشاركين ينتمون إلى أسر ذات مستوى اجتماعي واقتصادي منخفض إلى متوسط وفق المؤشرات الإحصائية الرسمية في إسرائيل.

    إجراءات البحث والاختبار

    خضع كل طفل للاختبار على نحو فردي داخل غرفة هادئة مخصّصة للدراسة ضمن روضة الأطفال. جرى توزيع ترتيب المهمات عشوائيًّا لتجنّب أثر الترتيب في الأداء. كما تم تكييف مفردات الاختبار مع اللهجة العربية الفلسطينية الشمالية. استُخدمت مهمتان لقياس مهارات التعرّف الصرفي والإنتاج الصرفي. وتضمنت كل مهمة فقرتين تدريبيتين للتأكد من فهم الطفل للتعليمات.

    مهمة التعرّف الصرفي

    استُمدت هذه المهمة من دراسات سابقة لقياس مهارات التعرّف الصرفي. تضمنت المثيرات جذورًا ثلاثية غير موجودة في اللغة الفعلية لكنها متوافقة مع قواعد البنية الصوتية للعربية، وأُدرجت ضمن أوزان صرفية حقيقية لتكوين كلمات زائفة. اشتمل الاختبار على 36 زوجًا من الكلمات الزائفة تمثل ست مقولات نحوية: النوع (مذكر/مؤنث)، العدد (مفرد/ مثنى/ جمع)، الملكية المتصلة، الزمن الماضي، والزمن الحاضر (المضارع)، بواقع ستة عناصر في كل مقولة، قُدمت جميعها بترتيب عشوائي.

    مهمة الإنتاج الصرفي

    استُمدت هذه المهمة أيضًا من دراسات سابقة لقياس مهارات الإنتاج الصرفي. عُرض على الأطفال 36 زوجًا من الصور تمثل كائنات أو شخصيات خيالية، وكما في مهمة التعرّف، تضمنت المهمة ست مقولات نحوية: النوع، العدد، المثنى، الملكية المتصلة، الماضي، والمضارع، بواقع ستة عناصر لكل مقولة. منحت كل إجابة صحيحة درجة واحدة، وأُعطي صفر للإجابات الخاطئة.

    تمييز نوعي العمليتين

    من المهم التوضيح أن المهمة الأولى تُقوِّم عمليات التعرّف، بينما الثانية تفحص عمليات الإنتاج. ففي الأولى، يُطلب من الأطفال اختيار الكلمة الزائفة المطابقة للتصريف الصحيح من بين بديلين استنادًا إلى التعليمات الصوتية؛ أي إنها تقيس قدرتهم على تمييز الصيغة الصحيحة من بين بدائل معروضة. أما في الثانية، فيُطلب منهم إنتاج النطق الصحيح للكلمة الزائفة وفق التصريف المطلوب من دون بدائل جاهزة، مما يقيس قدرتهم على توليد الصيغة التصريفية المناسبة.

    وتجدر الإشارة إلى أن دراسات أخرى تناولت بدورها اختبارًا مشابهًا يقيس إنتاج الصيغ الفعلية بناءً على مواقف مصوّرة تُستدعى منها استجابات لفظية مناسبة. ومن ثم، فإنّ أداء الأطفال في المهمة الأولى يُعبِّر عن عملية التعرّف على الصيغة المناسبة بين البدائل، في حين تكشف المهمة الثانية عن مهارات الإنتاج الصرفي لديهم.

  • نتائج الدراسة
  • أظهرت نتائج الدراسة الحالية أنّ الأطفال الفلسطينيين الناطقين بالعربية من ذوي النمو اللغوي النمطي أدّوا أداءً أعلى دلالةً من أقرانهم ذوي الاضطراب النمائي اللغوي في كلتا المهمتين: التعرف الصرفي والإنتاج الصرفي. ويعكس هذا التباين في الأداء صعوباتٍ جوهرية في اكتساب القواعد التصريفية وتطبيقها لدى فئة الأطفال من ذوي الاضطراب النمائي اللغوي.

    ومن المهم الإشارة إلى أنّ أداء المشاركين يستند أساسًا إلى معرفتهم بالقواعد التصريفية في اللغة العربية. وبما أنّ الكلمات العربية تُشتق عادةً من جذور صرفية وتُصرّف وفق أنماط صرفية متعددة، فإن النمو اللغوي لدى الناطقين بالعربية – ولا سيّما نمو المفردات – يعتمد إلى حد كبير على قدرتهم على اكتساب هذه القواعد الصرفية المنتظمة. لذلك، فإن أي صعوبات في اكتساب هذه القواعد قد تؤثر سلبًا في النمو اللغوي العام.

    كما تجدر الإشارة إلى أن كلتا المهمتين في الدراسة اعتمدت على مثيرات غير مألوفة (كلمات زائفة وصور)، أي أن الأطفال لم يكن لديهم أي تعلم مسبق أو معرفة سابقة بالصيغ الصرفية أو كيفية إنتاجها، مما يبرز أن الأداء يعكس بوضوح كفاءتهم الصرفية الفطرية واستخدامهم المعرفي للقواعد أكثر مما يعكس التعلم القائم على التكرار أو الحفظ.

  • الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
  • هذا البحث يوجّه النظر إلى أهمية تعليم الصرف لا بوصفها قواعد معزولة بل بوصفها مهارة وظيفية في الفهم والتعبير، ويقدّم منطلقًا علميًّا لبناء دروس وأنشطة لغوية علاجية أو إثرائية، مثلما يدعم الفكرة التي مفادها أن الوعي الصرفي المبكر هو أساس للقراءة والكتابة الناجحتين في اللغة العربية.

  • التوثيق
  • Haitham Taha, Raphiq Ibrahim & Hanada Taha (17 Oct 2025): Morphological skills among native Arab kindergarteners with developmental language disorders, Clinical Linguistics & Phonetics, DOI: 10.1080/02699206.2025.2571659