في هذه الدراسة، بحث الدارسون كيف يمكن للبنية الصرفية للكلمات أن تؤثر في أداء القراءة باللغة العربية لدى تلاميذ الصفين الأول والثاني. فقارنوا بين قراءة كلمات تختلف في درجة التعقيد ومستوى الشفافية الصرفية. حيث تألفت الكلمات التصريفية من ثلاثة مورفيمات (جذر، ونمط صوتي، ولاحقة) مع شفافية عالية للجذر الصرفي، بينما تألفت الكلمات الاشتقاقية من مورفيمين (جذر ونمط صوتي) مع شفافية أقل للجذر - مثل الجذر غير المتتابع. تمت مطابقة الكلمات في درجة الألفة والطول المقطعي.
كشفت النتائج أن الكلمات الثلاثية المورفيمات (التصريفات) قُرئت ببطء أكثر وشملت أخطاءً أكثر، مقارنة بالكلمات ثنائية المورفيمات (الاشتقاقات). وُجدت هذه الفروق في كلا الصفين المدروسين وفي كلتا مجموعتي القراء، بالرغم من المطابقة بين نوعي الكلمات في الجذر الصرفي والطول المقطعي ودرجة الألفة.
يمكن تفسير هذه النتائج بطرائق عدة:
أولًا: قد يؤثر التعقيد الصرفي، المتمثل في عدد المورفيمات، على عملية تفكيك الكلمات ويؤخر قراءتها. وفقًا لنماذج المسار المزدوج، يستخدم القارئ عملية التكوين لاسترجاع معاني الكلمات، وتُعدُّ مفيدة جدًا في قراءة الكلمات المعقدة. يعتمد تفعيل مسار التفكيك على خصائص اللغة الفريدة ومهارات القارئ. ومن ثم فإن التعقيد الصرفي (والإملائي) للغة العربية، بالإضافة إلى البعد اللغوي بين العربية العامية والفصحى، قد يشجع القراء على استخدام هذه الاستراتيجية في القراءة.
ثانيًا: كما اقترح بعض الباحثين أن يستخدم القراء جميع الخصائص المتاحة لقراءة الكلمة، إذ تُعَدُّ المورفيمات جزءًا مهمًا من هذه العملية، خاصة عند التعامل مع الكلمات المعقدة؛ أي إن الأطفال يستخدمون، بالتوازي مع فك التشفير الصوتي، عملية تفكيك صرفي تدعم فك رموز الكلمات في وقت مبكر مثل الصفين الأول والثاني.
من الجدير بالذكر أنه على الرغم من أن معظم نماذج المسار المزدوج تعتمد على لغات ذات صرف خطي يعتبر أبسط، إلا أنه من المفترض أن تظهر عملية التفكيك في اللغات ذات الصرف غير الخطي أيضًا. في هذه الحالة، يتم تفكيك الكلمة إلى جذر ونمط صوتي. في بعض الحالات، مثل نظام التصريف في العربية، تتشكل الكلمات بكل من الإجراءات الخطية وغير الخطية، وتحتوي على ثلاثة مورفيمات على الأقل: جذر منسوج في نمط صوتي ولاحقة ملحقة بالكلمة. ومن ثم يمكن أن تكون عملية تفكيك هذه الأشكال المعقدة مستهلكة للوقت - وهي عملية تنعكس في القراءة، كما وجد في النتائج الحالية. وذلك على الرغم من الاختلافات في شفافية الجذر الصرفي.
مثلما ذكرنا سابقًا، تألفت كلتا مجموعتي الكلمات من نفس الجذر. ومع ذلك، كان الجذر، الذي يوفر المعنى الأساسي للكلمة، شفافًا إملائيًا بدرجة عالية في التصريفات، محافظًا على تسلسل حروفه. في الاشتقاقات، من ناحية أخرى، انقطع تسلسل حروف الجذر بسبب حروف العلة المنسوجة بينها. قُرئت التصريفات ببطء على الرغم من شفافية الجذر، مما يشير إلى أن التعقيد الصرفي قد يكون له تأثير حاسم على عملية القراءة. وعلاوة على ذلك، من الممكن أنه نظرًا لأن الجذر يفترض أن يتم تمثيله عقليًا في اللغات الدلالية ويخدم كجسر لمعاني الكلمات، فإن مستوى شفافيته أقل أهمية. قد يحدد القراء بسهولة وحدة الجذر الصرفي-الإملائي، حتى عندما تقاطع حروف العلّة تسلسله.
أحد التفسيرات المحتملة لهذه النتائج تكمن في سمة الازدواجية اللغوية في العربية. وفقًا لبعض الباحثين، فإن الاشتقاقات المكتوبة بالفصحى أقرب لغويًا لنظيراتها في العامية مقارنة بالتصريفات. مما يجعل قراءتها أيسر لقربها من اللغة اليومية المحكية. ومع ذلك، تمت مقارنة المجموعتين من حيث الألفة وفقًا لتقييم المعلمين. وبالرغم من أن تقييم المعلمين قد لا يكون دقيقًا تمامًا، فإنه يدعم فرضية تأثير التعقيد الصرفي على القراءة عبر عملية التفكيك الصرفي، مع الأخذ بعين الاعتبار عدد المورفيمات ونوع الإجراء (خطي مقابل غير خطي).
هذا ينسجم مع طرح بعض الباحثين حول بناء التمثيل الصرفي-الإملائي بالتزامن مع اكتساب القراءة. إذ يطور القراء المبتدئون مخزونًا مورفيميًا في مراحل مبكرة، كما تدل عليه نتائج دراسات تدخلية سابقة أظهرت تحسنًا في الطلاقة والدقة بعد التدرب على عمليات التركيب والتفكيك الصرفي.
تكتسب هذه العملية أهمية خاصة للقراء العرب الذين يواجهون تحديًا في ربط المكتوب بالمحكي. فالمعالجة الصرفية تدعم فك التشفير الصوتي في المراحل الأولى، وتؤدي دورًا محوريًا في تطور القراءة بالعربية. كما أن الشفافية الإملائية في الكتابة المنقوطة تتيح استخدام الأدلة الصرفية مبكرًا. بينما تدفع الازدواجية القراء لاستدعاء معلومات لغوية إضافية بجانب الفونولوجية.
اللافت أن الفروق في الطلاقة بين التصريفات والاشتقاقات ظهرت لدى كلا المجموعتين (العاديين والضعفاء)، إذ تفوقت الاشتقاقات بالرغم من محاولة الضعاف تعويض صعوبات الفونولوجيا بالاعتماد على الأدلة الصرفية. مما يشير إلى استخدام جميع القراء للأدوات الصرفية المتاحة في عملية التفكيك، رغم ما تتطلبه من وقت وجهد في الكلمات المعقدة.