العودة الى ترجمة البحث العلمي
مقدمة: الهويات اللغوية في دول الخليج العربي:
موجات التغير
- وصف عام للبحث
-
هذا الفصل يقدم محتوى كتاب: الهويات اللغوية في دول الخليج العربي: موجات التغير، ويبيّن تأثر واقع اللغة العربية في دول الخليج العربية بطبيعة التركيبة السكانية بالإضافة إلى آثار العولمة. إذ تسيطر اللغتان العربية والإنجليزية على الاستعمال في دول الخليج، في ظل وجود نحو 100 لغة لدى السكان (المقيمين). وتجري مناقشة "الهويات اللغوية الخليجية" في هذا الكتاب لأن هذا المفهوم لا يقتصر على مواطني الخليج، بل على كل من يعدّون الخليج موطنهم المؤقت، أو شبه الدائم، أو موطنهم الثاني.
- الغرض من البحث
-
تركز بعض الفصول في هذا الكتاب على هويات المواطنين المحليين، سواء كانوا من مستخدمي إنستغرام Instagram السعوديين في الفصل الرابع، أو العمانيين المتحدثين باللغات الأصلية في الفصل الثاني، أو أجيال المواطنين الكويتيين في الفصل الخامس، وفصول أخرى تقترب من موضوع الهويات الخليجية من وجهة نظر المقيمين العابرين للحدود الوطنية كأطفال الثقافة الثالثة البنغلاديشيين (TCKs) المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفصل السابع أو معلمي المدارس الأجنبية متعددي اللغات، في الفصل الحادي عشر.
- العينة: نوعها وحجمها
-
لقد أُطلق على دبي ومدن خليجية أخرى لقب "العولمة النشيطة" بسبب المستويات المرتفعة من التنوع اللغوي والثقافي. ويعترف هذا الكتاب بتعقيدات العولمة التي تتنوع سياقاتها تنوعًا شديدًا، ومن ثم فإنه يتجنب الاحتفال بالتنوع دون إبراز الملاحظات النقدية. بل يستكشف الكتاب الجوانب المتناقضة للتنوع وتأثيراتها في الهويات اللغوية الخليجية. فعلى سبيل المثال، كانت هناك مبادرات حديثة لتعزيز التسامح في المنطقة، مثل إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019 "عام التسامح" والعديد من حملات التوعية التي تعزز التنوع والشمول فيما يتعلق بالجنسيات والأعراق واللغات واللهجات.
- إجراءات تنفيذ الدراسة
-
تم تمثيل التنوع داخل اللغة العربية بشكل متزايد من خلال وسائل الإعلام الشعبية، حيث تكتسب التنوعات القبول بوصفها قوة موحدة، على نحو ما نوقش الأمر في الفصل السادس. ومن ناحية أخرى، ثمة أيضًا خطابات غالبًا ما تكون جزءًا من الرؤى الوطنية الخليجية حول ضرورة تعزيز الهويات الوطنية من خلال الحفاظ على اللغة العربية بوصفها اللغة الرسمية في المنطقة وتقليل الاعتماد على العمال العابرين للحدود الوطنية. وتظهر أجندات التعريب من وراء مبادرات مثل "البحرنة"، و"التوطين"، و"التعمين"، و"التقطير"، و"السعودة"، و"التكويت"، المعروف أيضًا باسم "نظام حصص المغتربين" في الكويت. يستكشف هذا الكتاب بعض التحديات التي تواجهها هذه المبادرات، وخصوصًا في سياق عمان في الفصل الثاني. وتشمل التحديات الأخرى التي تواجه أهداف "الوحدة في التنوع" التوترات الطبقية الاجتماعية والتسلسل الهرمي اللغوي، الذي يميِّز مجموعات معينة عن غيرها. فعلى سبيل المثال، يستكشف الفصل الثالث الاحتكاك الثقافي واللغوي بين عاملات المنازل الأجنبيات وعائلاتهن، حيث يعملن بوصفهن جزءًا من ظاهرة "ثقافة المربيات" في الخليج. ويبحث الفصل الثامن في قضايا التضمين اللغوي على اللافتات، ويستكشف الفصل الحادي عشر التسلسل الهرمي اللغوي في المدارس الثانوية الإنجليزية الإعدادية. في عصر أضحى فيه الإعلام في أشد حالاته تأثيرًا، يحلل الكتاب تمثيلات الهويات العربية من خلال استخدام اللغة في مختلف أشكال وسائل الإعلام، وكيف يتفاعل الجمهور مع مثل هذه الصور. وكذلك يحلل الكتاب استخدام اللغة في المسلسلات التلفزيونية الشهيرة وما يعقب بثها من المناقشات المتعلقة بوضع اللغة العربية الفصحى بوصفها قوة موحدة بين العرب من جهة ودورها في زيادة التعددية داخل الهويات العربية من جهة أخرى. تتضمن "موجة التغيير" العالمية الأخيرة التي تمت مناقشتها في الكتاب "التحول عبر اللغات" في التعليم، بوصفها وسيلة لتعزيز "التعددية اللغوية بوصفها موردًا". ويشير التحول عبر اللغات إلى استخدام الطلاب والمعلمين ذخيرتهم اللغوية الكاملة (أو اللغة الهجينة، والموارد السيميائية، والبيئية) للمساعدة في التعلم وتعزيز الهويات اللغوية. يشمل هذا المصطلح الشامل "مفاهيم عابرة" متعددة مثل الترجمة اللغوية (translanguaging)، والممارسة عبر اللغات (translingual practice)، واللسانيات العابرة للغات (translinguistics)، والقرائية العابرة للغات (translingual literacy)، والتعرض العابر للغات (translingual dispositions). وتهتم المقاربات ما بعد البنيوية للهوية كذلك بالسلطة والفاعلية والأيديولوجيات في فهم الديناميكيات الاجتماعية والشعور بالذات. على سبيل المثال، يوضح الفصل الثاني عشر، من الكتاب، بطريقة وضع الهويات اللغوية لطلاب الجامعات وضعًا مختلفًا في سياق الجامعات التي تعتمد نظام (EMI) (وهو النهج التعليمي الذي يتم فيه تدريس المواد الدراسية باستخدام اللغة الإنجليزية بوصفها وسيلة رئيسية)، حيث تحظى اللغة الإنجليزية بتقدير كبير، على عكس المنازل الناطقة بالعربية حيث يفضل أفراد الأسرة اللغة العربية، في الغالب. وتُعدُّ السلاسة والتهجين عنصرين مهمّين إضافيين في بناء الهوية، والتي توجد عادة في سياقات متعددة الثقافات واللغات. وغالبًا ما تتلاشى الحواجز أو الانقسامات بين اللغات والهويات اللغوية، وتصبح الهويات العابرة للُّغات بارزة. وهنا، تصبح التعددية والتعقيد عنصرين حاسمين يجب استكشافهما، على نحو ما رأينا في الفصلين الخامس والسابع.
- نتائج الدراسة
-
يقدّم هذا المجلد رؤى غنية حول جوانب متعددة من الهويات الخليجية. تتناول الفصول طرائق تفاعل الهويات وتأثرها بهويات الخليج "ثقافة التغيير" و"موجات التغيير" الحالية. والملاحظ وجود مجموعة متزايدة من الأبحاث المطولة حول مختلف جوانب الهوية الخليجية، والتي تركز على قضايا الهوية والتعليم، الهوية والسياسة، الهوية والفنون أو هويات تتعلق بمنطقة/ دولة خليجية واحدة. وإن تقييم ما غطته المنشورات السابقة يؤدي بنا إلى تحديد الحاجة إلى الدراسات الواردة في هذا المجلد. فالموضوعات التي يغطيها تتوسع وتتجاوز الأدبيات الموجودة، من خلال التركيز في المقام الأول على كيفية تفاعل اللغة والهوية مع التغيرات المجتمعية الحالية والمستمرة. ويغطي المجلد كذلك الموضوعات التي لم تتم مناقشتها بعد، فيما يتعلق بالهويات اللغوية الخليجية.
- الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
-
يمكن لمعلم اللغة العربية، بعد الاطلاع على هذه الدراسات أن يكون أكثر وعيًا بخصوصية الوضع اللغوي في الخليج العربي، وما يتطلبه من معالجات مناسبة تتعلق بطبيعة الاحتكاك بين الألسن المستعملة في المنطقة، وبالتنوعات الإثنية والثقافية التي ينتمي إليها المتعلمون، بالإضافة إلى تأثيرات العولمة ونمط المجتمع المحلي في تفاعله مع تحديات العصر.