العودة الى ترجمة البحث العلمي
كيف يمكن للعرب استعادة لغتهم؟
- وصف عام للبحث
-
ازداد الحديث العام حول الازدواجية اللغوية في اللغة العربية وقراءة الأطفال مؤخرًا، جاذبًا انتباه العديد من الأشخاص داخل العالم العربي وفي الشتات. وقد تم استخدامه أيضًا مبررًا لممارسات استعمارية، خصوصًا في إطار المناقشات العامة حول الإنجازات الأكاديمية للمجتمعات الفلسطينية الصغيرة في إسرائيل. ويرى الباحثون والعلماء والمؤسسات المعنية بالبحث والخدمة في المجتمعات التي تتحدث بالعربية، أهمية مناقشة الوضع الراهن لتطوير اللغة العربية وتعليمها وجهود إنهاء الاحتلال، تليها خطوات عملية للتعامل مع الأسئلة التي طُرحت من قبل الآباء وأعضاء المجتمع العرب حول الازدواجية اللغوية والقراءة. ويرى الباحثون أنه يجب أن تكون المناقشات والإجراءات المستقبلية مدفوعة بالأدلة البحثية الموضوعية والفهم العميق للتحديات المعبر عنها، من أجل تحسين إمكان الوصول إلى النجاح الاجتماعي والأكاديمي
- الغرض من البحث
-
تعدُّ دراسة اكتساب اللغة العربية لدى الأطفال نادرة، وهي تركز بشكل رئيس على أحد أصناف اللغة فقط، وهي اللهجة الشعبية. ويمكن فهم ذلك نظرًا للاستخدام السائد لهذه اللهجة في التواصل اليومي. ومع ذلك، فإن استقصاء غالبية الأدبيات في هذا المجال يكشف عن تجاهُلٍ عامٍّ للواقع الاجتماعي-اللغوي للأطفال الذين نشأوا في مجتمعات تعيش الازدواجية اللغوية. في هذه المجتمعات، يتعرض المتحدثون للهجة العامية واللغة العربية الفصحى الحديثة (الفصحى) بشكل متكامل وتدريجي من خلال توزيعات وظيفية متكاملة. وبشكل عام، فإن اللهجة العامية تُستخدم للتواصل اليومي، فيما تُستعمل الفصحى للتواصل الرسمي والقراءة والكتابة. ومع ذلك، فإن المستويين يتفاعلان باستمرار، ومع زيادة التعرض للفصحى، تتكامل إنتاجات الأطفال اللفظية لهذين المستويين بشكل عضوي. فعلى سبيل المثال، يحاكي أطفالٌ يبلغون من العمر 5 سنوات برامج تلفزيون الواقع مثل برنامج The Voice بين المستويين اللهجيين بسهولة. نظرًا للإطارات المحددة باللغة الواحدة التي تهيمن على دراسات اكتساب اللغة، فإن الباحثين غالبًا ما يغفلون عن العلاقة والتفاعل العضوي بين الفصحى والعامية في سياق تطور اللغة الطبيعي لدى الأطفال في العالم العربي. وقد تم نقل هذا الفهم النظري إلى العمل المهني فقط من قبل قلة من العلماء رواد البحث في الآونة الأخيرة حول اكتساب اللغة العربية. وقد بدأوا دراسة تطوير المعرفة ذات الطابع المزدوج ودورها التفاعلي في مسار تعلم الأصوات والكلمات والهياكل اللغوية في اللغة العربية. لذلك، يُعدُّ فهم أفضل للسياق الاجتماعي لمسار اكتساب اللغة ضروريًا، مع مراعاة القوة المعرفية للاستعمار على اللغة.
- العينة: نوعها وحجمها
-
عرض المقال مؤشرات علمية لمستوى القرائية عند الطلبة العرب المنتمين إلى ثماني دول شاركت في اختبارات بيرلز (PIRLS) عام 2016، حيث كانت مراتبها متأخرة، فعلى 51 دولة مشاركة، كانت مرتبة دولة الإمارات العربية المتحدة 43، والبحرين 44، وقطر 45، وعمان 47، والكويت 48، والمغرب 49، ومصر 50. واستنتجت الباحثات أن الطلاب كانوا قادرين على استرجاع المعلومات التي يمكنهم الوصول إليها مباشرة من النصوص التي قرأوها في الاختبار، ومع ذلك، لم يتمكن معظمهم من معالجة الأسئلة التي تتطلب مهارات تفكير عالية المستوى بما في ذلك التفسير والاستدلال وفهم المعنى، والعناصر التي تتطلب من الطلاب تحليل النصوص الأطول والتفكير فيها باستخدام أسئلة تركز على الأفكار التي جاءت لاحقًا في النص. لم يكن لدى الطلاب الطلاقة اللازمة لقراءة النصوص الكاملة. ومن الجدير التحقق مما إذا كانت ممارسات تعليم اللغة العربية وتعلمها قد تكون مسؤولة عن انخفاض كفاءة الطلاب في اللغة العربية. سيكون مثل هذا التأثير أقوى في دولة تستخدم التعليم كأداة للسيطرة مثل نظام التعليم العربي في إسرائيل، الذي يعاني من نقص الموارد بسبب تدخل قوات الأمن في رؤيته ورسالته بالإضافة إلى السيطرة التي تمارَس في اختيار القادة التربويين.
- إجراءات تنفيذ الدراسة
-
أشار المقال إلى وجود عقبة كأداء في التدريس والتعلم تحول دون إتقان تعلم اللغة العربية تتمثل في تلك القيود المفروضة على تصميم مناهج عربية عالية الجودة بسبب نقص الخبراء المتخصصين في أصول تدريس اللغة العربية وتصميم المناهج الدراسية القادرين على المشاركة في تطوير الكتب المدرسية والمعايير وطرق التدريس والتقييمات المناسبة. هذا بالإضافة إلى تباين مستويات الموارد المخصصة لتطوير الموارد والممارسات القائمة على الأدلة، والتي ستكون أكثر تكلفة بالنظر إلى النقص الموثق في القوى العاملة البحثية والخبراء. إن كلفة كل هذا السقوط والفشل التربوي يتحمله الطلاب والمجتمعات بشكل عام، وقد أصابهم الإحباط وهم يكافحون لمعرفة سبب فشل أطفالهم. إن أي مناقشات جادة في المستقبل حول تدريس اللغة العربية تحتاج إلى التفكير في العقبات والمخاطر التي تطرحها وجهات النظر التي شكَّلها الإطار الأيديولوجي ذو المركزية الأوروبية. إذ تعيش اللغة في كنف المتحدثين بها، وفي مجموعة كبيرة من النصوص. إن الطيف غير الثنائي للغة العربية من العامية إلى الفصحى يعمل بوصفه وحدة عضوية واحدة، ومع تصاعد نِسَب الذين يعرفون القراءة والكتابة على مدى الجيلين الأخيرين، فإنه من المؤكد أن ذلك يلعب أدوارًا جديدة، وقد تعرض للتغيير التحديثي منذ النهضة العربية خلال القرن التاسع عشر. وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج المناقشات المستقبلية إلى مراعاة القيمة الاجتماعية لمجمل النصوص العربية، الحديثة والقديمة، والقيمة الثقافية والمادية للوصول إلى هذه الأعمال في إنتاج معاصر مستمر. إذ اللغة العربية لغة عالمية، وهي إحدى اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة، ولا يمكن أن تتحقق وحدتها إلا في الفصحى.
- نتائج الدراسة
-
تكشف الدراسات الحديثة حول تعلم اللغة العربية لدى الأطفال أن للطبيعة التكاملية لازدواجية اللسان داخل المجتمع آثارًا على تطور لغة الطفل قبل دخوله المدرسة، وتظهر في تطوره اللغوي في مختلف المجالات اللغوية خلال مراحل النمو كلها. ومن ثم، فإن برامج تعليم الوالدين ضرورية لتسهيل معرفتهما بالخصائص المبكرة للقرائية عند أطفالهم ولتعزيز إعداد الأطفال إعدادًا متساويًا للمدرسة. هذه العملية لا تبدأ بالمدرسة ولا تنتهي بعد الخروج منها، بل يتم اكتسابها في الواقع بسرعات مختلفة، وفقًا لمقدار التعرض للغة العربية الفصحى ولاستخدامها، مع معالم تنموية محددة تؤثر في كفاءة الأطفال الضمنية والمعرفة الصريحة لنوعي اللغة (الفصحى والعامية). ومن ثم، فإن تدريب المعلمين وتوسيع نطاق البحث لفهم هذه المعايير أمر بالغ الأهمية لتلبية احتياجات الأطفال في تعلم اللغة والقراءة والكتابة في العالم العربي. وتعد الازدواجية اللغوية جزءًا لا يتجزأ من اكتساب اللغة، كما أنها سمة أساسية للمجتمعات الناطقة باللغة العربية، ولكنها أيضًا تتوفر على العديد من المزايا على المستوى المعرفي والتواصلي وحتى المهني الذي يستحق الدعم الهيكلي التحويلي للحفاظ على النجاح في التعلم نظرًا لما توفره وضعية الازدواج اللغوي من مزايا. وقد خرج المقال بجملة من المقترحات العملية التي من شأن اعتمادها الخروج من الوضع غير المُرضي للغة العربية في النظام التعليمي المعتمد في الدول العربية. ومن أهم هذه المقترحات: • تدريب المعلمين على أحدث مناهج التعليم وأفضل المقاربات المستندة إلى الأدلة التي تكون ذات صلة باللغة العربية. • ضمان تطوير مهارات المعلمين في اللغة العربية الفصحى المعاصرة تطويرًا جيدًا لفهم الدور التفاعلي لظاهرة الثنائية اللغوية في تعلم اللغة العربية ومهارات القرائية. • تهيئة معلمي المستقبل بالمهارات اللازمة لإدارة فصول الدراسة المتنوعة، ودعم القراء الذين يواجهون صعوبات، وتصميم تعلم وتقييم متوافقين مع المعايير، وتنفيذ نتائج أبحاث علم القراءة في تخطيطهم وممارستهم العامة. • تطوير منهج تعليمي أصيل ومبتكر لتعليم اللغة العربية يكون منفصلًا عن المقاربات التعليمية التي قد لا تكون مناسبة لسياق اللغة العربية، ومصممًا لتيسير فرص استخدام اللغة العربية الفصحى وتطوير الوعي بظاهرة الازدواجية اللغوية بطريقة تناسب التطور العمري وتكون متناغمة من الناحيتين اللغوية والثقافية. • تطوير فرص تعليم أولياء الوالدين لتيسير مشاركتهما في تنمية لغة الطفل وعمليات التعلم بطريقة منسجمة مع البيئة الثقافية.
- الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
-
يمكن للمعلم العربي متابعة ما يصدر من تقييمات دولية لمهارات القراءة والكتابة، والاستئناس بتلك النتائج وإسقاطها على مدى محدود، يتمثل في مجال صفوفه التي يتولى تدريسها، ويحاول أن يجتهد في رفع مستوى تلاميذه في المهارات العليا التي تقيسها تلك الاختبارات الدولية.