بحوث زاي العلمية

العودة الى بحوث زاي العلمية
التداعيات التعليمية لازدواجية اللغة العربية بوصفها لغةً أولى على التدريس والتعلم: مراجعة منهجية
  • وصف عام للبحث
  • استعرضت هذه المراجعة المنهجية التداعيات التعليمية لازدواجية اللغة على تعليم وتعلم اللغة العربية. تم البحث بشكل منهجي في ثمانية قواعد بيانات متخصصة في التعليم والعلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى الأدبيات الرمادية، للفترة الممتدة بين عامي 1970 و2021. أسفر البحث عن تحديد 110 دراسات تم تضمينها للتحليل التفصيلي. كشفت النتائج عن ندرة الأبحاث المتعلقة بالموضوع، مما يشير إلى أنه مجال غير مدروس على نحو كافٍ في تعليم وتعلم اللغة العربية، إلى جانب نقص في الفهم النظري المتطور لتطور اللغة في سياقات ثنائية اللهجة أو ازدواجية اللغة. مثلما أكدت الدراسة الحاجة إلى إجراء أبحاث مستقبلية تركّز على البيداغوجيا. تبيّن أن أنماط إنتاج الأبحاث توجد غالبًا خارج العالم العربي، مما يبرز ضرورة معالجة التأثير المحتمل للاستعمارية في هذا المجال.

    برزت من المراجعة المنهجية ثمانية موضوعات رئيسية واسعة، تشمل: انخفاض التحصيل الأكاديمي، الفجوة اللغوية بين العربية المحكية والعربية الفصحى الحديثة، التناوب اللغوي (Code Switching)، مكانة الفصحى الحديثة، التعقيد اللغوي، الحاجة إلى التعرض المبكر للفصحى الحديثة، أهمية مشاركة الوالدين، والحاجة إلى تخطيط أفضل لسياسات اللغة في التعليم.

  • الغرض من البحث
  • ازدواجية اللغة

    ازدواجية اللغة هي حالة لغوية اجتماعية يتم فيها اكتساب اللهجات المحكية الأساسية بشكل طبيعي واستخدامها في التواصل اليومي، إلى جانب نظام لغوي على درجة عالية من الترميز مخصَّص للتواصل الرسمي والكتابة الأدبية، ويتم تعلمه في الغالب من خلال التعليم الرسمي. إذ تُستخدم اللهجة العربية المحكية في التواصل اليومي، بينما تُستخدم اللغة العربية الفصحى الحديثة في الكتابة، بما في ذلك الصحف، والمجلات، والرسائل الرسمية، والروايات، وأدب الأطفال، بالإضافة إلى الاستخدامات الشفهية مثل الخُطب وبرامج الرسوم المتحركة. ومع ذلك، يجادل فاسي الفهري (2013) بعدم وجود دليل على وجود تقسيم واضح بين هذين النوعين من العربية. وقد اقترح العديد من الباحثين إطارًا طيفيًا لفهم نموذج اللغة واستخدامها في سياق الازدواجية وعلّق بعض الباحثين على الوضع اللغوي للعربية بوصفه خطًّا غير واضح بين الثنائية الظاهرة، على الرغم من التنوع والاختلافات في مواقعها وأنواعها.

    ازدواجية اللغة والقرائية

    ترتبط ازدواجية اللغة بعملية تعلم القراءة والكتابة باللغة العربية. بالنسبة إلى الأطفال العرب، يمثل دخول المدرسة وتعلم القراءة والكتابة مقدمة لنوع لغوي جديد (الفصحى الحديثة) يختلف عن لهجتهم الأم التي تعرضوا لها واستخدموها بشكل أساسي قبل بدء المدرسة. تشير الدراسات إلى وجود ندرة في الأبحاث التي تتناول طبيعة اكتساب مهارات القرائية باللغة العربية. وتكشف الأبحاث المتعلقة بتطور مهارات القرائية المبكرة، مثل القراءة والكتابة المبكرة، أن تطوير هذه المهارات الأساسية في العربية قد يتأثر بعوامل بيداغوجية، مثل استراتيجيات التدريس، وكفاءة المناهج الدراسية، وجودة إعداد وتدريب المعلمين.

    من جهة أخرى، يرى بعض الباحثين أن انخفاض التحصيل الأكاديمي في البُلدان العربية لا يرتبط بنقص الموارد أو الامتيازات الاقتصادية، بل يعود السبب على نحو أكبر إلى ازدواجية اللغة العربية. وقد ربطت دراسات أخرى ازدواجية اللغة بمواقف الطلاب ومستوى انخراطهم في تعلم القراءة والكتابة، نظرًا لأن البالغين في المجتمع يعدّون الفصحى الحديثة أكثر مكانة وقدسية، مما يؤثر في مواقف المتعلمين تجاه قدرتهم المتصورة على إتقانها وتعلمها، فضلًا عن الشعور بالمسؤولية تجاه عدم إساءة استخدام اللغة المقدسة أو استخدامها بشكل غير صحيح. وتتطور هذه المواقف عند الأطفال مع بدء تعلمهم القراءة والكتابة في نظام لغوي أقل ألفة بالنسبة إليهم، مما يضيف بُعدًا عاطفيًا ومسؤولية إضافية على عملية التعلم.

    تعكس الأدبيات في المجال إلى حد ما تأثير ازدواجية اللغة في تطور القراءة والتعلم من خلال مجموعة من الأطر النظرية والمنهجيات، فعلى سبيل المثال، يركز اختبار التقدم في القراءة الدولية (PIRLS) - وهو اختبار معياري دولي يقيّم فهم القراءة لدى طلاب الصف الرابع - على تقديم الاختبار بلغة البلد الأصلية. في الدول العربية، يُجرى الاختبار باللغة العربية الفصحى الحديثة. وأظهرت نتائج اختبار PIRLS لعامي 2016 و2021 أن جميع الدول العربية المشاركة (البحرين، مصر، الكويت، المغرب، عُمان، السعودية، قطر، الإمارات العربية المتحدة) سجلت نتائج هي أقل من المتوسط الدولي.

    وفقًا لتقرير يلخص 20 عامًا من البيانات التي جمعها مسؤولو PIRLS من 57 دولة، تم إبراز ثلاث نتائج رئيسية مرتبطة بتحقيق أعلى في القراءة: (1) تأثير البيئة المنزلية الداعمة حيث يشجع الآباء على القراءة ويستمتعون بها، (2) تأثير المدارس الداعمة التي تركز على التحصيل الأكاديمي وتستثمر في موارد القراءة، و(3) تأثير المواقف الإيجابية للطلاب تجاه القراءة بشكل عام.

    فعلى الرغم من زيادة الأدبيات المتعلقة بتطور اللغة والقرائية في سياق ازدواجية اللغة والاهتمام بالفجوات في تحصيل الطلاب في العالم العربي، بالإضافة إلى التأثير المفترض لازدواجية اللغة على تعلم الأطفال، والقراءة، والفهم، والتحفيز للتعلم، لا توجد مراجعة منهجية منشورة للأدبيات تساعد المعلمين، والباحثين، والأطباء، وصناع القرار وغيرهم على فهم تأثير ازدواجية اللغة في تعليم اللغة العربية وتعلمها. لاحظ الباحثون أن المراجعات المنهجية المتوفرة تتعلق بمستويات النصوص العربية، والألعاب، ومعالجة اللغة الطبيعية، ونماذج القيادة، ولكن لم يتم إجراء أي مراجعة منهجية تناولت ازدواجية اللغة وتعليم وتعلم اللغة العربية.

  • إجراءات تنفيذ الدراسة
  • اعتمدت الدراسة منهجية مراجعة منهجية تتسم بالصرامة والشفافية مع الالتزام بإرشادات PRISMA لتقديم المراجعات المنهجية (Page et al., 2021). شملت الدراسة البحث في تأثير ازدواجية اللغة على تعلم وتعليم اللغة العربية خلال الفترة من 1970 إلى 2021 باستخدام ثماني قواعد بيانات أكاديمية مثل LLBA وERIC ومحركات البحث مثل Google Scholar.

    معايير الإدراج والاستبعاد

    تضمنت الدراسات المقبولة: الأبحاث الأصلية المنشورة باللغتين العربية أو الإنجليزية، والمراجعة من قبل الأقران، والتي تركز على ازدواجية اللغة والتعليم في العالم العربي. واستُبعدت الأعمال المكتوبة بلغات أخرى، أو التي لا تتعلق بتأثير ازدواجية اللغة في التعليم.

    عمليات البحث والفرز

    بدأ البحث بمراجعة شاملة للعناوين والملخصات باستخدام كلمات مفتاحية مثل "ازدواجية اللغة" و"اللهجات العربية" و"العربية الفصحى"، تلاها فحص نصوص كاملة للمصادر المؤهلة. استخدم الباحثون استمارات إلكترونية وأجروا تدريبات مسبقة لتحقيق التوافق بين المُراجعين بنسبة 90-95%. أُجريت جولات متعددة من الترميز لضمان الدقة والشمولية.

    طُور كتاب رموز شمل عناصر مثل الأهداف، النتائج، المهارات اللغوية، والتوصيات. ركز التحليل على عوامل كالبيداغوجيا، والمسافة اللغوية، والسياسات التعليمية. أُعيدت عملية الترميز لضمان الاتفاق الكامل.

    سلطت الدراسة الضوء على الحاجة إلى أبحاث أكثر شمولية تراعي السياقات الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية لفهم ازدواجية اللغة وتأثيرها في تعلم اللغة العربية.

  • نتائج الدراسة
  • استعرضت المراجعة المنهجية 831 دراسة حول ازدواجية اللغة العربية وتأثيرها على التعليم والتعلم، منها 110 دراسات شملت مجالات متعددة. ركزت 48 دراسة على ضعف التحصيل الأكاديمي للطلاب العرب بسبب الازدواجية اللغوية والأساليب التربوية غير الفعالة، مشيرة إلى أهمية تنمية الوعي الصوتي والمورفولوجي (الصرفي) وتعزيز القراءة الاستراتيجية. أظهرت فجوات مستمرة في الفهم والقراءة بين الفصحى والعامية حتى المرحلة الثانوية.

    ناقشت 30 دراسة الفجوة اللغوية بين الفصحى والعامية، مبينة تأثيرها السلبي على تعلم اللغة ومهارات القراءة. وأكدت دراسات أخرى أهمية الوعي الصوتي والمورفولوجي في تعليم الفصحى للأطفال. أشارت بعض النتائج إلى أن الطلاب يعتبرون الفصحى والعامية نظامين لغويين منفصلين، وأن التشابه بينهما يمكن أن يكون أداة مساعدة.

    تناولت 22 دراسة مكانة الفصحى، مشيرة إلى قدسيتها بوصفها لغة القرآن الكريم ورفض تعميم استخدام العامية في التعليم. أكدت الدراسات أيضًا ضرورة تقليل الفجوة بين الفصحى والعامية وتشجيع استخدامها في الحياة اليومية. دعت 16 دراسة إلى سياسات تعليمية تعزز تعلم الفصحى من خلال مراجعة المناهج وتشجيع القراءة المبكرة.

    بحثت 14 دراسة دور مشاركة الأهل والتعرض المبكر للفصحى في تحسين المهارات اللغوية للأطفال. أظهرت الدراسات تأثيرًا إيجابيًا للتعرض المبكر على التحصيل اللغوي والأكاديمي. كما سلطت بعض الدراسات الضوء على تأثير التحول بين الفصحى والعامية، مشيرة إلى أن الفصحى تُعامل كأنها لغة ثانية.

    أوصت المراجعة بتطوير مناهج تعليمية وسياسات تشجع استخدام الفصحى، مع تعزيز مشاركة الأهل ودمج استراتيجيات تدريس تراعي الفجوة بين الفصحى والعامية لتحسين التحصيل الأكاديمي.

    سلّطت هذه الدراسة الضوء على تحديات ازدواجية اللغة العربية في التعليم والتعلم من خلال مراجعة الأدبيات العلمية ذات الصلة. وتُظهر المراجعة أن 66.6% من الدراسات أُجريت خارج العالم العربي، مما يبرز تأثير الاستعمارية وأهمية معالجتها في البحث التربوي. تتناول الأدبيات عدة قضايا مشتركة، منها ضعف الأداء الأكاديمي للطلاب الناطقين بالعربية، وقلة التعرض المبكر للغة العربية الفصحى (MSA)، ونقص طرق التدريس الفعالة المتعلقة بالازدواجية. ومع ذلك، لوحظت مواقف إيجابية تجاه الفصحى بوصفها لغة نقية ولغة القرآن الكريم وأداة للوحدة، بجانب مواقف إيجابية تجاه اللهجات المحلية كلغات تواصل يومي.

    كما أظهرت المراجعة أن العديد من الدراسات التي أجريت في فلسطين/إسرائيل (41% من الدراسات) تشير إلى تأثير مزدوج للازدواجية والتمييز اللغوي على تدني مستويات الإلمام بالقراءة والكتابة. تؤكد الحاجة إلى أبحاث أكثر شمولًا لفهم العلاقة بين الازدواجية وتعلم القراءة والكتابة، مع التركيز على العوامل اللغوية والتربوية والاجتماعية.

    تشير الدراسات إلى أهمية الإصلاح التربوي، بما يشمل تحسين طرق تدريس اللغة العربية، وتعزيز استخدام الفصحى المبسطة، ودعم التفاعل الأسري من خلال استخدام موارد القراءة بالفصحى. تُبرز المراجعة دور التدخلات المبكرة والتدريب المكثف للمعلمين في تقليل فجوة الازدواجية. كما أوصت باستخدام الوعي الصوتي والصرفي لتسهيل تعلم الفصحى وتطوير استراتيجيات تعليمية مستندة إلى أدلة علمية.

    تشدد المراجعة أيضًا على ضرورة البحث في المراحل المبكرة للتعلم، حيث ركزت فقط 48.6% من الدراسات على الأطفال. تدعو إلى إجراء دراسات طويلة الأمد ومراجعات منهجية لفهم تأثير ازدواجية اللغة في تصميم المناهج، وتدريب المعلمين، ومشاركة الأهل، مما يعزز تكامل الفصحى واللهجات المحلية في التعليم.

  • الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
  • تقدم هذه المراجعة للأدبيات المنشورة باللغتين الإنجليزية والعربية فهمًا للعلاقة الحالية بين ازدواجية اللغة العربية والبيداغوجيا. على الرغم من التداخل بين البيداغوجيا وازدواجية اللغة في التعليم العربي، إلا أن عدد المصادر التي تركز على البيداغوجيا كان محدودًا، مما يشير إلى وجود فجوة بحثية في هذا المجال. تكشف المراجعة المنهجية أن العمل الأكاديمي حول ازدواجية اللغة والتعليم يركز غالبًا على مستوى فك تشفير الكلمات والوعي الصوتي والصرفي، مع الحاجة إلى توسيع نطاق البحث على المستويين النظري والتطبيقي ليشمل مهارات القراءة والفهم المتقدمة والكتابة، بالإضافة إلى المستويات النحوية والتداولية. يعكس هذا القصور فجوات في فهمنا وحاجة إلى أدلة ضرورية لتطوير طرق تدريس وتعلم فعالة على مختلف المستويات، مع مراعاة العوامل الداخلية والخارجية المرتبطة بالسياق الاجتماعي للتعلم.

    كما تبين المراجعة ندرة التدخلات التي تستهدف تعليم اللغة العربية وتعلمها. وفيما يتعلق بازدواجية اللغة والبيداغوجيا، فإن المنطقة العربية تمثل تمثيلًا ضعيفًا في المنشورات حول هذا الموضوع. تناولت هذه المراجعة المنهجية للأدبيات الموجودة حول ازدواجية اللغة وجوانب التعليم 110 دراسات، كانت الأغلبية منها قد أُنتجت خارج الدول العربية، خاصة في إسرائيل/فلسطين والولايات المتحدة الأمريكية. يعكس هذا النمط من الإنتاج البحثي خطر التأثير الاستعماري على تشكيل الدراسات التي تمت مراجعتها. يتطلب هذا التأثير المحتمل معالجة عبر بيانات المواقف النقدية والتفكرية وغيرها للسيطرة على تأثيره، لضمان حصول اللغة العربية على الأدلة الأكاديمية الأكثر حاجة لتعزيز الخطاب وطرق التدريس والتعلم المناسبة ثقافيًا.

  • التوثيق
  • Taha Thomure, H. Khamis-Dakwar, R. Taha, H. Sabella, T., Saleh, R. Effect of Arabic diglossia on teaching & learning: Findings from a systematic review.