العودة الى ترجمة البحث العلمي
النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلمها..
الطريق إلى الحد من فقر التعلم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- وصف عام للبحث
-
في جميع أنحاء بُلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقع 59% من الأطفال في فقر التعلم - فهم لا يستطيعون قراءة وفهم نص مناسب لأعمارهم عندما يبلغون سن العاشرة. وترتفع هذه النسبة إلى 63%، في المتوسط، في البُلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إن عدم القدرة على القراءة مع الفهم في سن العاشرة يمنع معظم سكان المنطقة الأطفال من الانخراط انخراطًا كاملًا في التعليم، وهو ما يعيق تقدم بُلدانهم في تشكيل رأس المال البشري. ومن شأن تحسين تعليم اللغة العربية وتعلمها أن يعزز نتائج التعلم الشاملة. ويتعين على الحكومات أن تولي اهتمامًا وثيقًا بهذا الأمر لتحسين نتائج التعليم بشكل عام وتراكُم رأس المال البشري على المدى الطويل. يتحدث اللغة العربية أكثر من 467 مليون شخص في 60 دولة حول العالم. وهي اللغة الرسمية أو اللغة الرسمية المشتركة لـ25 دولة. ويمكن اعتبار اللغة العربية بمنزلة سلسلة متصلة من الأنماط، من اللغة العربية الفصحى الرسمية – لغة القرآن – إلى اللغة العربية الفصحى الحديثة، بالإضافة إلى الكثير من المخاطبات العامية غير الرسمية المستخدمة في التواصل اليومي. ولكي يُعدّ المرء مُجيدًا للغة العربية، يجب أن يُتقن لهجةً من اللهجات العربية بالإضافة إلى اللغة العربية الفصحى المعاصرة. وعلى عكس اللهجات التي يكتسبها الأطفال في وقت مبكر في المنزل، يتم اكتساب اللغة العربية الفصحى من خلال التعليم الرسمي. ويقتصر استخدامها بالكامل تقريبًا على الأدبيات والوثائق الرسمية، ووسائل الإعلام (بما في ذلك الشفهية)، والتعليم. ومن المتوقع أن تكون اللغة العربية المعاصرة هي لغة التدريس في الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم الناطق باللغة العربية (بما في ذلك معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). وبمجرد دخول الأطفال إلى المدرسة، فإنه من المتوقع أن يبدأوا تعلم القراءة والكتابة باستعمال اللغة العربية الفصحى. وهذا من شأنه أن يطرح العديد من التحديات؛ فقبل الالتحاق بالمدرسة، يكون تعرُّض بعض الأطفال للغة العربية الرسمية (غير اللهجة) تعرُّضًا قليلًا؛ وقد يسمعها آخرون من خلال الرسوم المتحركة المدبلجة باللغة العربية الفصحى، أو من خلال قراءتها، أو من خلال الاستماع إلى القرآن الذي يتلى في البيوت. فتكون خبرة الأطفال باللغة العربية الفصحى محدودة جدًّا قبل الالتحاق بالمدرسة، بسبب انخفاض معدلات قراءة الآباء لأطفالهم في المنزل ونقص القراءة المشاركة في التعليم الرسمي في مرحلة الطفولة المبكرة. طرفا استمرارية اللغة العربية (الفصحى واللهجة العامية)، أو الطبيعة الثنائية للغة (نوعان مختلفان من اللغة نفسها يستخدمان في ظل ظروف مختلفة، الظروف داخل المجتمع، غالبًا من قبل المتحدثين أنفسهم)، تثير تحديات أمام تعلم الأطفال ليقرأوا. وتكون درجة التداخل بين لغة الفصحى واللهجة العامية أكبر في بعض البُلدان منها في بلدان أخرى. لذلك يختلف التأثير باختلاف البُلدان. ويمكن معالجة هذه التحديات من خلال إجراءات هادفة مثل وجود بيئة غنية باللغة، والتعرض المبكر للغة العربية الفصحى، والتعليم عالي الجودة القائم على أساس علم تعلم القراءة الذي يزيد من التداخل (الذي يكون مرتفعًا أحيانًا) بين اللغة العربية الفصحى واللهجات العامية. ومع ذلك، فهناك العديد من الممارسات المتعلقة بتنمية مهارات ما قبل القراءة والكتابة وتعليم اللغة العربية وتعلمها في مرحلة ما قبل المدرسة والصفوف الأولى من المدرسة التي تؤدي إلى نتائج سيئة في معرفة القراءة والكتابة. وهذا يضع الأطفال في وضع غير مُوَاتٍ في بداية حياتهم التعليمية، ويستمر تأثيره في التعلم طوال حياتهم المدرسية، وحتى حياتهم بوصفهم بالغين. غالبًا ما تُضيَّع الفرص في التخطيط وتقديم تعليم اللغة العربية التي يمكن أن تساعد في التغلب على التحديات الناتجة عن اللغة الثنائية، بشكل عام، يحتاج المعرفة التربوية - أي كيفية تعليم اللغة العربية بشكل أفضل للناطقين الأصليين الصغار - إلى تعزيز وتطبيق متسق. على سبيل المثال، هناك تقارب كبير بين اللهجات واللغة العربية الفصحى من حيث المفردات، والذي يجب أن يُستفاد منه في وضع المناهج الدراسية ومواد التدريس وتدريب المعلمين لمساعدة الأطفال في تعلم القراءة. نقص التسلسل والتخطيط الدقيق في تعليم اللغة يعني أن هذا التقارب والتشابه لا يتم استخدامهما لتكوين جسر للأطفال من اللغة العامية إلى اللغة العربية الفصحى. بالإضافة إلى ذلك، فإن مواد التدريس ذات الجودة المنخفضة وتصميم المنهاج الضعيف وأساليب التدريس غير الفعّالة، تجعل من الصعب على الأطفال تعلم اللغة العربية الفصحى. إذ تدريس الأطفال للقراءة والكتابة يتم بطريقة صارمة (أكثر من ذلك في المواد الأساسية الأخرى)، مع التركيز على القواعد والنحو والدقة، ونقص في اللعب والاستكشاف اللَّذَيْنِ يُحتاج إليهما لجذب الأطفال جذبًا كاملًا في تعلم القراءة.
- الغرض من البحث
-
قد يكون هناك نقص في الوعي بخطورة مشكلة ضعف نتائج التعلم في اللغة العربية. تُظهر معدلات الإلمام الذاتي بالطلاقة وحب القراءة أعلى نسبة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منها في الدول الأخرى (مثلما توضح ذلك نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب الذي أجرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 2018). وتكون حالات تضخيم الدرجات مرتفعة، وعمومًا يفتقد النظام الوطني للتقييمات الفعَّالة التي تتبع أداء الطلاب وجعل النتائج متاحة على نطاق واسع أو رصد استراتيجية وطنية للتمويل. وقد تسهم هذه العوامل في الانقطاع بين المعتقدات حول فاعلية تعليم اللغة العربية وتعلمها والنتائج الفعلية. وفي سياق ذلك، أظهر "تقرير حالة ومستقبل اللغة العربية" الأخير (وزارة الثقافة والشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة، 2020) أن لدى الطلاب مواقف إيجابية تجاه اللغة العربية ولكنهم يحملون آراء غير مواتية حول كيفية تعلمها.
- نتائج الدراسة
-
يفحص هذا التقرير الأدبيات لتحديد الثغرات في تعليم اللغة العربية وتعلمها في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تؤدي إلى معدلات عالية من الفقر في التعلم. بالإضافة إلى ذلك، ويقدم التقرير مسارًا مقترحًا لتوجيه الدول في جهودها لتعزيز تعليم اللغة العربية وتعلمها، يُلخص على النحو التالي: 1) تطوير أهداف محددة وقابلة للقياس لنتائج تعليم الأطفال اللغة العربية على المدى القصير والطويل، مع دعم من أعلى مستويات الحكومة وارتباط واضح بين أهداف السياسات الاجتماعية والاقتصادية للبُلدان، على سبيل المثال من خلال استراتيجية وطنية للقرائية. 2) تحديد السمات والمفردات المشتركة بين اللغة العربية الفصحى والعامية وتوظيفها في بناء جسر بين معرفة الأطفال باللغة العربية العامية وتعليمهم اللغة العربية الفصحى. 3) توسيع تعرض الأطفال للغة العربية الفصحى، وخاصةً فيما يتعلق بالمفردات وبنية الجمل، بطرق جذابة. 4) وضع معايير مفصلة لتقدم عملية القراءة استنادًا إلى علم تعلم القراءة، مع موارد تعليم وتعلم عالية الجودة ومتناغمة ومتناسبة مع السياق (بما في ذلك الموارد الرقمية)، ودليل المعلم والتطوير المهني (لدعم التدريس)، والتقييم التشخيصي. 5) إعادة النظر في برامج تعليم معلمي اللغة العربية (قبل الخدمة) وبرامج تطوير المعلمين المهنيين (في أثناء الخدمة) لإضافة دراسات حول طرائق تدريس اللغة العربية وتجربة عملية واسعة مع الطلاب والتخطيط الفعّال لتعلم الطلاب. 6) ضمان أن يكون لدى كل مدرسة برنامج تعليمي قوي للصفوف الابتدائية باللغة العربية مع تخصيص وقت كافٍ، ومسؤوليات متوافقة لقادة المدارس، ودعم للمعلمين. 7) تحديد القرّاء الذين يواجهون صعوبات ودعمهم، وتقديم تدخلات مبكرة، ورصدهم، وخصوصًا في الصفوف الابتدائية. إن فرص التبادل والتعاون يمكن أن تدعم وتعزز العمل الجاري بالفعل في جميع الدول الناطقة بالعربية. ويمكن أن تشمل هذه، على سبيل المثال، مشاركة المعايير لتطوير موارد تعليم اللغة العربية وتعلمها، وشبكة من كليات التربية لبناء تخصص في تعليم اللغة العربية، وخطة أبحاث محددة بأولويات مضبوطة.
- الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
-
يركز هذا التقرير على مختلف الجوانب التي تحتاج إلى تطوير في تعليم اللغة العربية وتعلمها، ويركز على نقاط الضعف المؤسسية والنظامية والجماعية، بالإضافة إلى ما يحتاج إليه المعلم العربي من تطوير ذاتي، لأنه – مثلما جاء في التقرير – قد يكون ضحية تعليم غير متطور، فيكون عجزه عن التطوير ناجمًا عن ضعف تكوينه، ومن ثم فهو يحتاج إلى بذل جهد مضاعف ليكمل ما نقص من تكوينه، وينقل أساليب التدريس الحديثة بعد استيعابه لها، ويحسن تطبيقها مع تلاميذه.