تحت التـجربـة

ترجمة البحث العلمي

العودة الى بحوث زاي العلمية
تصنيف النصوص وتدرجها في الكتب المدرسية العربية
  • وصف عام للبحث
  • يكتسي تصنيف النصوص وتدرجها أهمية خاصة لدى معلمي اللغة. وتُعنى دراسات الملامح النصية وقابلية القراءة بتحليل السمات النصية واللغوية التي تحدد مستوى صعوبة النصوص. أما اللغة العربية، فلأنها لغة محدودة الموارد، فهي تعاني من نقص في مثل هذه الدراسات، مما يؤدي إلى اعتماد مطوري المواد التعليمية ومؤلفي الكتب المدرسية على حدسهم وخبراتهم عند اختيار النصوص المناسبة.

    على مستوى الفصل الدراسي، غالبًا ما يقوم المعلمون بتكييف النصوص التي يستخدمونها أو استكمالها لتتناسب مع المراحل التطورية لطلابهم. ومع ذلك، يتم هذا غالبًا بناءً على الحدس والخبرة الشخصية أيضًا.

    تهدف هذه الدراسة إلى توعية مطوري المواد التعليمية، وخصوصًا المعلمين، بمجموعة من السمات النصية واللغوية والسياقية التي تؤثر في صعوبة النصوص، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة حول مدى ملاءمة النصوص التي يستخدمونها وكيفية تكييفها و/أو استكمالها.

    وبالرغم من أن هذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى المعلمين الذين يدرسون لغات محدودة الموارد مثل العربية، فإن الدراسة ستكون مفيدة أيضًا لمعلمي اللغات ذات الموارد الغنية، إذ تُظهر الأبحاث أنه حتى مع النصوص المصنفة بشكل منهجي، توجد فروقات بين النصوص ومستوياتها المفترضة.

  • الغرض من البحث
  • في ظل غياب دراسات تحليلية في اللغة العربية مرتبطة بالإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات (CEFR) أو أي مقاييس منتظمة للكفاءة، قمت في دراسة سابقة بتجميع قائمة بالسمات البارزة لمستويات الكفاءة المختلفة وفقًا للإطار الأوروبي المرجعي.

    استنادًا إلى ذلك، أنشأت منهجًا دراسيًا للغة العربية متوافقًا مع الإطار الأوروبي المرجعي (CEFR-AC)، يتضمن سمات لغوية نموذجية (مثل المفردات، القواعد، أدوات الربط، وغيرها) وخصائص نصية عامة لمستويات مختلفة، كان الهدف من ذلك تسهيل التعليم القائم على مستويات الكفاءة. تسعى هذه الورقة البحثية إلى دراسة أربعة سلاسل من كتب اللغة العربية، وهي:

    • Mastering Arabic
    • عربية الناس
    • الكتاب في تعلّم العربية
    • أهلًا وسهلًا

    وذلك على نحو مستقل بهدف:

    • تحديد مدى دقة تصنيف نصوص القراءة وتدرجها بشكل منتظم داخل كل سلسلة من الكتب المدرسية. يتم تقييم ذلك من خلال مقارنة مستوى الكفاءة المُحَدَّد مع المستوى المحسوب مسبقًا وفقًا للإطار الأوروبي المرجعي (CEFR) لكل نص داخل السلسلة.
    • توعية المعلمين بدور بعض السمات النصية، واللغوية، والسياقية في تحديد صعوبة النصوص. يتم ذلك عبر:

      تحليل نوعي للسمات النصية واللغوية البارزة على مستوى النص باستخدام نصوص عينة من كل سلسلة، استنادًا إلى شبكة الإطار الأوروبي المرجعي المعدلة (Dutch CEFR Grid).

      التفكير في السمات النصية، اللغوية، والسياقية التي تتجاوز مستوى النص والتي تؤثر في صعوبة بعض هذه النصوص.

  • العينة: نوعها وحجمها
  • تقيِّم هذه الورقة البحثية صعوبة قراءة النصوص في أربع سلاسل من الكتب المدرسية العربية الشائعة المصنفة بشكل عام على أنها (مبتدئ، متوسط، متقدم، إلخ). وتستخدم الباحثة طريقة التحليل الكمي نفسها في دراسات سابقة لتحديد مدى تصنيف النصوص وتصنيفها بشكل متسق داخل كل سلسلة. ويعرض التحليل توزيع مستوى الإطار الأوروبي المشترك للغات المحكوم عليه للنصوص، باستخدام نسخة معدلة من شبكة الإطار الأوروبي المشترك للغات الهولندية، مقابل مستوى الكفاءة المحسوب مسبقًا. وتقوم التحليلات النوعية بدورها بفحص السمات النصية واللغوية والسياقية البارزة التي تؤثر في صعوبة النص (أ) على مستوى النص و(ب) خارج مستوى النص. والغرض من هذا القسم هو توعية المعلمين بدور هذه السمات بدلًا من استخدام القياسات الإحصائية للخصائص اللغوية والنصية المستهدفة، والتي تعد نموذجية في دراسات قابلية القراءة.
  • إجراءات تنفيذ الدراسة
  • السمات النصية

    السمات النصية المُعدلة باللغة الهولندية CEFRGrid تتضمن، بالترتيب: مصدر النص، الأصالة، نوع الخطاب، المجال، الموضوع، طبيعة المحتوى وطول النص.

    يؤثر مصدر النص في تعقيد اللغة، لذلك على سبيل المثال، قد تكون للعلامات والقوائم اليومية لغة أبسط وأسهل في الوصول إليها ونيات أبرز من النصوص التحريرية أو الأدبية أو الفنية. وعلى المنوال نفسه، من المرجح أن تكون النصوص التي تنتمي إلى المجال الشخصي أسهل من تلك التي تنتمي إلى المجال المهني أو التعليمي. يشير نوع الخطاب إلى نوع النص، والذي يُعتقد أنه يؤثر في "التعقيد البنيوي". ومن منظور قابلية القراءة، يُعتقد عمومًا أن النصوص الوصفية والسردية أسهل من النصوص التفسيرية والحجاجية.

    إن الموضوع وطبيعة المحتوى مرتبطان بتطور المحتوى، ومن ثم فمن المتوقع أن يتناول المتعلمون من المستوى الأدنى الموضوعات التي تتعلق بالاحتياجات الأساسية اليومية الفورية بمحتوى ملموس بينما يتعامل المتعلمون من المستوى الأعلى مع الموضوعات الأدبية والتقنية والأكاديمية بمحتوى أكثر تجريدية. ولكن في الممارسة العملية، لا تنتمي النصوص بالضرورة إلى مجال/نوع واحد أو الآخر، ومن ثم فإنه يكون من الضروري في كثير من الحالات ترجيح السمات المختلفة لتصنيف النص. يتفق الدارسون على أن طول النص يرتبط بصعوبة النص. وهذا ما تؤكده أيضًا دراسات قابلية القراءة. الأصالة هي سمة مهمة للغاية في تحديد صعوبة النص، وهي سمة قابلة للنقاش في مواد تدريس اللغة الثانية على نحو عام. الأصالة لها أبعاد متعددة مثل أصالة النص، وأصالة المهمة، بما في ذلك الغرض والأنشطة والتفاعل وملاءمة اللغة وأهميتها للطلاب المستهدفين. ومع ذلك، في سياق شبكة الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات الهولندية، تشير الأصالة إلى استخدام النصوص الأصلية المكتوبة للمتحدثين الأصليين للغة في مقابل استخدام النصوص التربوية أو المبسطة. وعلى الرغم من أن تعريض الطلاب للنصوص الأصلية أمر مهم لإعداد المتعلمين لاستخدام اللغة في الحياة الواقعية، فإن استخدام النصوص المبسطة يوفر مدخلات مفهومة مفيدة تساعد على فهم اللغة واكتسابها على المدى الطويل وتتوافق مع الاحتياجات اللغوية والتواصلية للمتعلمين، وخصوصًا في بداية تعلم اللغة ووسطه.

    سمات اللغوية

    تتقاطع الأبحاث التي أجريت في مجال اللغة الثانية حول ملفات الكفاءة وقابلية قراءة النصوص في مجال اللغة الثانية في اهتمامها بجوانب اللغة التي تميز بشكل خاص مستويات الكفاءة/الصعوبة المختلفة والتي تميز مستوى عن آخر. وعادةً ما تتضمن هذه السمات الشكلية مثل المفردات والقواعد وعلامات الخطاب والسمات الأسلوبية البارزة. ومن المهم تمثيل السمات الصحيحة في النصوص المدخلة لأنها ستعزز مخرجات الطلاب.

    من السمات اللغوية المهمة التي يُجمِع الخبراء على أنها تؤدي دورًا مهمًّا في تحديد صعوبة النص والتأثير في قابلية الفهم هي المفردات. تحدد معرفة الطلاب بالمفردات مقدار الوقت الذي يستغرقونه لقراءة النص ومعالجته وفهمه. ففي المستويات الدنيا، يجب أن تكون الكلمات بسيطة وملموسة؛ يمكن أن يكون تكرار الكلمات الرئيسية مفيدًا أيضًا إذ يقلل من الوقت وعبء معالجة المحتوى ويزيد من الفهم. وبعبارة أخرى، ينبغي أن تتميز النصوص الموجهة إلى مستويات أدنى بمفردات يومية بسيطة ومألوفة وعالية التردد، في حين تتميز النصوص ذات المستوى الأعلى بمفردات أقل تكرارًا وتنوعًا.

    القواعد النحوية هي ميزة أخرى مهمة تؤثر في صعوبة النص لأنها مرتبطة بحمل الذاكرة العاملة للقراء عند معالجة الجمل. تكون الجمل الأقصر أسهل من الناحية النحوية لأنها تحتوي على "عدد أقل من الكلمات لكل عبارة اسمية، وعدد أقل من الكلمات قبل الفعل الرئيسي للجملة الرئيسية، وعدد أقل من الكلمات القائمة على المنطق". كما أنها تحافظ على أن الجملة الموازية تميل إلى أن يكون لها بنية نحوية قابلة للمقارنة، مما يجعل معالجة وفهم النص أسهل. وعلى العكس من ذلك، تكون الجمل الأطول معقدة في البنية عادةً وتحتوي على جمل متعددة (تابعة و/أو نسبية). إن وجود أكثر من مُعدِّل أو كلمات عديدة قبل الفعل الرئيسي، يفرض ضغطًا كبيرًا على ذاكرة العمل لدى المتعلمين، مما يؤخر أو يعوق معالجة النص وفهم المحتوى. وعلى نحو مماثل، يمكن أن يكون ترتيب الكلمات الصعب عقبة أمام المتعلمين أثناء محاولتهم فهم النص. ومن ثم يجب أن تتميز الجمل في المستويات الأدنى بهياكل بسيطة ومألوفة وجمل قصيرة ذات مُعدِّل واحد، في حين يجب ترك الهياكل المعقدة والتبعية لمستويات أعلى.

    تعمل علامات الخطاب والسمات الأسلوبية البارزة، مثل أدوات الربط وحروف العطف والوسائل والمحددات والمكثفات والتراكيب اللفظية وما إلى ذلك، على تحسين تماسك النص ومن ثم، فهي تساعد على الفهم. وفي النصوص ذات المستوى الأعلى، تحتوي الجمل على علاقات معقدة، مما يُظهر المزيد من عدم الاستمرارية والانتقال ومن ثم تكون أكثر تطلبًا للمعالجة والفهم. وهكذا، مع ازدياد طول النصوص وتعقيدها، تصبح هناك حاجة إلى المزيد من أدوات الربط وعلامات الخطاب من أجل "توضيح وربط الأفعال والأهداف والأحداث والحالات المنقولة في النص" وتسهيل الفهم.

  • نتائج الدراسة
  • اعتمدت الباحثة في هذه الورقة، على عملها السابق في مواءمة تدريس اللغة العربية مع الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات لتقييم اتساق تصنيف النصوص وترتيب نصوص القراءة المدخلة ضمن أربع سلاسل من الكتب المدرسية العربية المستخدمة على نطاق واسع. وتم تقسيم سلسلة الكتب المدرسية إلى أقسام مُصنَّفة مسبقًا وفقًا للإطار الأوروبي المرجعي العام للغات، ثم تم استخدام نسخة مُكيَّفة من شبكة الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات الهولندية (معززة بمدخلات إضافية من أوصاف الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات، ودراسات الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات وقابلية القراءة) للحكم على مستوى الكفاءة الفعلي للنصوص. كشف التحليل الكمي، الذي قارن بين المستوى المقدر والمستوى المحسوب مسبقًا للنصوص، عن وجود تناقضات بين سلاسل الكتب المدرسية المختلفة وعدم وجود اتساق في تصنيف وترتيب النصوص داخل كل سلسلة. وأظهر التحليل النوعي مجموعة من السمات النصية واللغوية والسياقية التي أثرت على صعوبة النص على المستويين الجزئي (مستوى النص) والكلي (خارج النص). مثلما أظهر العديد من النصوص سمات نصية ولغوية كانت إما سهلة للغاية أو صعبة للغاية بالنسبة إلى مستوياتها المحسوبة مسبقًا.

    وفي الممارسة العملية، هذا يعني أن المعلمين سيحتاجون إلى تكييف و/أو استكمال هذه النصوص لتلبية احتياجات طلابهم ومستوى الكفاءة المستهدف. ومع ذلك، فثمة القليل من التوجيه في الأدبيات حول كيفية القيام بذلك بطريقة منهجية ومبدئية. إن توفير التدريب قبل الخدمة وأثناءها للمعلمين الذين يطورون موادهم الخاصة وتكييف المواد الموجودة أمر مهم لمعلمي اللغات على نحو عام، ولكن أكثر من ذلك لمعلمي اللغات التي تعاني من نقص الموارد مثل اللغة العربية حيث تميل المواد الموجودة إلى أن تكون مبنية على أحكام وخبرات الخبراء بدلًا من معايير موحدة ومعترف بها. جزء من هذا التدريب هو تقييم المواد الموجودة؛ تهدف الدراسة الحالية إلى تسهيل ذلك من خلال زيادة وعي المعلمين والمهنيين تؤدي بعض السمات النصية واللغوية والسياقية دورًا في تحديد صعوبة النص ومستوى الكفاءة. وكان الهدف من ذلك تشجيع المعلمين على تقييم محتوى المواد التعليمية المنشورة بشكل نقدي فيما يتعلق بسياقاتها ومستويات نمو طلابهم واحتياجاتهم التعليمية، وتوجيههم بشأن السمات التي يجب التركيز عليها عند تكييف المواد الموجودة أو تطوير موادهم الخاصة.

  • الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
  • من المهم أن نلاحظ أن هذه دراسة استكشافية تهدف أساسًا إلى زيادة وعي المعلمين؛ وثمة حاجة إلى مزيد من البحث الكمي والنوعي المتعمق للتحقق من الفرضيات التي تم طرحها في هذه الدراسة. أمّا الدراسات النوعية الأخرى التي تركز على عدد أصغر من النصوص المقروءة والمسموعة في مواد تدريس اللغة العربية بوصفها لغة أجنبية، وتحللها بشكل أكثر منهجية وحسمًا، فيمكن أن تعزز النهج والافتراضات في الدراسة الحالية. مثلما أن الدراسات الكمية والحاسوبية في قابلية قراءة نصوص اللغة العربية كلغة أجنبية ضرورية للتحقق إحصائيًا من التحليلات والنتائج النوعية. ستكون هذه الدراسات أكثر قيمة عندما تُدمج مع مقاييس الكفاءة مثل الإطار الأوروبي المشترك للغات لتصنيف مواد تدريس اللغة العربية وتطويرها.

    ويمكن أن تسهم الدراسات المستقبلية في إنشاء ملفات لغوية مفصلة (المفردات والقواعد) لمستويات الكفاءة في اللغة العربية. ومع ذلك، من المهم التركيز على النصوص بدلًا من أشكال اللغة فقط لتطوير رؤية أكثر شمولية وسياقية للكفاءة على مستويي التلقي والإنتاج.