إنّ غياب قياس متجذِّر ثقافيًا وصلب المنهجية يعني ببساطة أنّنا لا نعرف حقًا ما الذي ينجح وما الذي يفشل في مساعينا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهو أمر ذو تبعات مالية كبرى أيضًا، إذ تُقدَّر الكلفة السنوية لتحقيق هذه الأهداف بين 5 و7 تريليونات دولار عالميًا (2015-2030).
وقد أشار تقرير التنمية المستدامة العالمي لسنة 2023 – الصادر بعنوان: "أزمنة الأزمات، أزمنة التغيير: العلم لتسريع التحولات نحو التنمية المستدامة" إلى هذه الفجوة، مبيّنًا الحاجة إلى أدلّة منهجية أكثر حول ما يُجدي وأين يُجدي، مع ملاحظة ندرة السياسات التي ثبت نجاحها من خلال تقييم شامل.
نحو أدوات ابتكارية في القياس
يمكن للمتابعة والتقييم الصارمين أن يسهما كثيرًا في تقديم أدلّة منهجية حول البرامج الفاعلة. لكنّ الأمر يستلزم أيضًا تطوير أدوات ابتكارية متجذّرة ثقافيًا، تعكس تعقيدات العقليات الفردية والجماعية. وهذا يتطلّب شراكات بين المنظمات الدولية غير الحكومية والجامعات، ليجمع التقييم بين العلم الأكاديمي والخبرة الميدانية.
كما شدّد تقرير الأمم المتحدة (2023) على ضرورة أن يكون العلم "اجتماعيًا صلبًا"؛ أي وثيق الصلة بالمجتمع وفعّالًا في صناعة السياسات. ومن بين المقاربات المقترَحة: بحوث التنفيذ في شكل "مختبرات العالم الواقعي" على المستوى المحلي، بما يوازي ما نقترحه من تقييمات مشتركة بين الباحثين والفاعلين الاجتماعيين.
التمويل والبحوث المشتركة
يبقى التحدي في تمويل بحوث قياس الأثر، إذ غالبًا ما يختلف ممولو البحث الأكاديمي عن ممولي المنظمات غير الحكومية. نقترح نموذجًا جديدًا تتقدّم فيه المؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية بطلبات تمويل بالشراكة مع باحثين محليين، من صناديق تمويل البحث العلمي. وبذلك تُتاح لهذه المؤسسات فرص تمويل أوسع، ويكسب المموّلون برامج أكثر استدامة وقائمة على الأدلّة.