ترجمة البحث العلمي

العودة الى ترجمة البحث العلمي
هل نعرف ما الذي يُجدي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
  • وصف عام للبحث
  • يواجه العالم اليوم تحديات متعدّدة تُعطِّل مسارنا الجماعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 كما كان مُخطّطًا. ويُعدّ ما يجري في غزة من مآسٍ إنسانية أحد أبرز هذه التحديات الراهنة. ورغم وفرة التوصيات الرامية إلى إعادة تنشيط الجهود، إلا أن عنصرًا جوهريًا لا يزال مفقودًا: القياس الصارم للأثر.

    إحدى الكاتبتين تستحضر تجربة مع منظمة دولية غير حكومية زعمت أنّها أجرت بحثًا، ليتضح أنّ الأمر لم يتجاوز تقييمًا بسيطًا للمستفيدين قبل التدريب وبعده؛ وهو أمر مُخيّب لآمال أي باحث علمي. قد تمتلك المنظمات الكبرى الموارد اللازمة لمتابعة ورصد البرامج عبر آليات تقييم متقدّمة (M&E)، لكن غالبًا ما تقتصر تقارير الفعالية على تقييم بسيط تُنجزه الجهة نفسها المنفِّذة للمشروع، سواء كانت رياديًا اجتماعيًا أو منظمة دولية كبرى.

  • الغرض من البحث
  • إنّ هذه المقاربة في القياس إشكالية على مستويين:

    • أنّها ليست علمية ولا صارمة بما يكفي، لكونها غير مستقلة، فضلًا عن غياب مراجعة الأقران أو النشر في مجلات علمية.
    • أنها تعتمد في الغالب على أدوات المسح الذاتي والاستبيانات التي تُقصِّر عن التقاط تعقيدات السلوك الإنساني، ولا تستند إلى الثقافة المحلية الأصيلة.

    أحد الأمثلة الدالة جاء من دراسة محلية عن التمكين؛ إذ لم تُظهر الأداة الكمية أثرًا يُذكر. لكن عندما حاول فريق البحث فهم ما وصفته النساء أنفسهنّ حول معنى التمكين، برز الأثر جليًا، لأنه كان متجذرًا في السردية المحلية لا في أداة غربية التصميم.

  • العينة: نوعها وحجمها
  • إنّ غياب قياس متجذِّر ثقافيًا وصلب المنهجية يعني ببساطة أنّنا لا نعرف حقًا ما الذي ينجح وما الذي يفشل في مساعينا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهو أمر ذو تبعات مالية كبرى أيضًا، إذ تُقدَّر الكلفة السنوية لتحقيق هذه الأهداف بين 5 و7 تريليونات دولار عالميًا (2015-2030).

    وقد أشار تقرير التنمية المستدامة العالمي لسنة 2023 – الصادر بعنوان: "أزمنة الأزمات، أزمنة التغيير: العلم لتسريع التحولات نحو التنمية المستدامة" إلى هذه الفجوة، مبيّنًا الحاجة إلى أدلّة منهجية أكثر حول ما يُجدي وأين يُجدي، مع ملاحظة ندرة السياسات التي ثبت نجاحها من خلال تقييم شامل.

    نحو أدوات ابتكارية في القياس

    يمكن للمتابعة والتقييم الصارمين أن يسهما كثيرًا في تقديم أدلّة منهجية حول البرامج الفاعلة. لكنّ الأمر يستلزم أيضًا تطوير أدوات ابتكارية متجذّرة ثقافيًا، تعكس تعقيدات العقليات الفردية والجماعية. وهذا يتطلّب شراكات بين المنظمات الدولية غير الحكومية والجامعات، ليجمع التقييم بين العلم الأكاديمي والخبرة الميدانية.

    كما شدّد تقرير الأمم المتحدة (2023) على ضرورة أن يكون العلم "اجتماعيًا صلبًا"؛ أي وثيق الصلة بالمجتمع وفعّالًا في صناعة السياسات. ومن بين المقاربات المقترَحة: بحوث التنفيذ في شكل "مختبرات العالم الواقعي" على المستوى المحلي، بما يوازي ما نقترحه من تقييمات مشتركة بين الباحثين والفاعلين الاجتماعيين.

    التمويل والبحوث المشتركة

    يبقى التحدي في تمويل بحوث قياس الأثر، إذ غالبًا ما يختلف ممولو البحث الأكاديمي عن ممولي المنظمات غير الحكومية. نقترح نموذجًا جديدًا تتقدّم فيه المؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية بطلبات تمويل بالشراكة مع باحثين محليين، من صناديق تمويل البحث العلمي. وبذلك تُتاح لهذه المؤسسات فرص تمويل أوسع، ويكسب المموّلون برامج أكثر استدامة وقائمة على الأدلّة.

  • نتائج الدراسة
  • وقد أثبتت التجربة نجاح هذا التوجّه. فجمعية "تغيير" (Taghyeer) التي أسستها رنا دجاني في الأردن (2010)، تدير برنامج نحن نحبّ القراءة منذ 2006. وقد شاركت الجمعية في منح بحثية متعددة بالتعاون مع جامعات محلية (الأردن)، وإقليمية (جامعة نيويورك أبوظبي)، وعالمية (ييل، كوين ماري بلندن)، لدراسة أثر البرنامج على الأطفال واللاجئين، وكيف يعيد تشكيل الشبكات الاجتماعية. ومؤخرًا، شاركت الجمعية في منحة من الأكاديمية البريطانية لدراسة أثر البرنامج على اللاجئين السوريين.

    من شأن هذه المبادرات أن تشجع الممولين الأكاديميين على إشراك المنظمات غير الحكومية في طلباتهم، والعكس بالعكس، كما بدأت بعض المنظمات الإنسانية (مثل Elrha) بتنفيذه، عبر إلزام المتقدّمين بإدراج شراكات أكاديمية ومحلية.

  • الإفادة التي يقدمها البحث للمعلم العربي في مجال تعليم مهارات القراءة والكتابة
  • إنّ شراكة المنظمات الدولية مع الجامعات في تطوير أدوات تقييم مبتكِرة وصارمة ستسهم في تعزيز الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الوقت المحدّد. ولتحقيق الأثر الأقصى، يجب نشر نتائج البحوث باللغات المحلّية وبأسلوب مبسّط يرفع الوعي ويؤثّر في السياسات، ويُعيد النتائج إلى المجتمعات المشاركة ذاتها.

  • التوثيق
  • Rana Dajani, Anita Makri, “Do we know what works to meet the SDGs?”, 03 January 2024 https://www.devex.com/news/opinion-do-we-know-what-works-to-meet-the-sdgs-106851